المدن والقرى العربية على موعد مع الانتخابات للسلطات المحلية خلال السنة القادمة. الامر الذي حدى بنا الى التنويه والتحذير من التاثيرات السلبية التي تعصف بالعلاقات الاجتماعية, الاقتصادية والتربوية جراء هذا العمل.
ان العمل الديموقراطي يعتبر اساس النظام السائد في هذه البلاد, وعليه فان كل مواطن تتوفر فيه شروط الترشح لرئاسة بلدية او مجلس محلي يحق له الترشح والمنافسة على هذا “المنصب” دون ان يقلل ذلك من احترام الاخرين. وبالمقابل, يحق لكل مواطن ان يدعم ويصوت للمرشح الذي يراه مناسبا ويستطيع ان يخدم بلده من وجهة نظره, دون التقليل من شان المرشحين الاخرين او شان الداعمين للاخرين.
ليس سرا ان الانتخابات في قرانا ومدننا العربية تاتينا مشحونة بعواصف اجتماعية, اقتصادية وتربوية. من مصادرها, توجهات واراء المواطنين انفسهم تجاه المرشحين ونظرة المرشحين انفسهم للناخبين. هذا الامر نابع من اصرار الناخبين والمرشحين الغير مبرر لمعرفة الاراء والتوجهات مسبقا لضمان “الفوز” مهما كان الثمن.
ايها المرشح المحترم, اذا كنت ترى في نفسك اهلا لكي تكون خادما لاهل بلدك, تمتلك المعرفة والخبرة وبوسعك تطوير البلد والمضي به قدما في مناحي حياته المختلفة, واذا كنت تستطيع قيادة البلد الى بر الامان ولديك القدرة لتضع مصلحة البلد فوق كل الاعتبارات الثانوية والهابطة منها, فامض راشدا في ترشحك واكسب دعم الناخبين ببرنامج وخطة عمل واضحة المعالم, صادقة النية, مدروسة ومبنية على استراتيجية عمل واضحة ولا تتبع الاساليب الرخيصة واتق الله في نفسك واهل بيتك وعائلتك واهل بلدك.
ايها المرشح المحترم, اعلم انك مسؤول عن قرارك لترشيح نفسك لقيادة البلد- “كل نفس بما كسبت رهينة”- ولا مجال للتبريرات. عائلتي ضغطت علي, فلان اراد ذلك, تعيين فلان لانه ابن فلان او من عائلة فلان مع افتفاره الى المقومات الاساسية للعمل, ازاحة شارع من مكانه لارضاء فلان وعلان, فلان يبني بالشارع بدعم السلطة لانه من الداعمين, وعدد ما شئت من تلك السلوكيات والصفقات المشبوهة والتعيينات اللا مهنية التي يشيب لها الولدان وتقشعر منها الابدان ويقف منها المسلم حيران.
ايها المرشح المحترم, ان اتخاذك قرار الترشح لقيادة البلد هو خيار وليس اجبار. فانظر في خياراتك وامعن في قراراتك ومحص دوافعك , اخلص النية لله واعلم انك محاسب على اعمالك. ” ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون…”.
نعم اذا لم تكن قادرا على قيادة البلد الى بر الامان واخترت الترشح فانت ظالم, اذا وضعت نفسك في مكان اتخاذ القرار ولم تتحلى بالقوة والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة فانت ظالم, اذا كسبت ثقة الناخبين بالغش والكذب والوعود الكاذبة فانت ظالم, اذا لم تعدل بين الرعية فانت ظالم. هذا غيض من فيض واعلم ان الظلم ظلمات يوم القيامة.
ايها الناخب المحترم, اعلم انك مسؤول عن خياراتك, فالتمس حسن الاختيار واختر المرشح الذي ترى فيه مصلحة البلد. ابحث وتحسس الشخص الذي يمكن ان يمشي في السرية ويقسم بالسوية ويعدل في القضية وترفع عن العصبية الجاهلية.
ايها الناخب المحترم, اياك ان تستهين بقرارك ومساهمتك. ان مساهمتك كبيرة جدا وتاثيرك له اكبر الاثر على مجريات الامور الاجتماعية, الاقتصادية, التربوية ومجمل مناحي الحياة في البلد, واعلم انك اذا اخترتك مرشحك وفق المعايير والقيم والمرجعية الصحيحة فان قلبك سيكون مرتاح ومطمئن بغض النظر عن النتائج.
ايها الناخب المحترم, كن صادقا, كن حكيما, كن ذا بصيرة, كن انت ولا تكن تابع, لانك انت المسؤول عن اخيتارك. كن مسلما, ولا تكن من الذين قالوا: “وقالوا ربنا انا اطعنا سادتنا وكبراءنا فاضلونا السبيلا”, واعلم انه ” لا تزر وازرة وزر اخرى”.
ورد في الاثر عن الامام سفيان الثوري قوله ” نظرنا الى اصل كل عداوة في العالم فوجدناها اصطناع المعروف الى اللئام”. فلا تكن اخي الناخب من الذين يؤججون العداوة بين الناس وامر بالمعروف وانه عن المنكر.
ايها الناخب المحترم, ايها المرشح المحترم, انت لست بحاجة الى احد, كلنا بحاجة الى الله. قال الله عز وجل: ” وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون”. ومن العبادة, العمل الصالح, فاعمل الصالح وتوكل على الله. وما اجمل ما قال الرسول عليه الصلاة والسلام من الاحاديث الجامعة المانعة من حديث ابن عباس الذي قال: “كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: يا غلام, اني اعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, واذا سالت فاسال الله, واذا استعنت فاستعن بالله, واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك, رفعت الاقلام وجفت الصحف” (اخرجه الترمذي).
والله من وراء القصد
الكاتب: الاستاذ رمزي عرابي